ما هو المشروع الصغير ..؟؟

يجدر بنا منذ البداية تعريف وتحديد ماهية المشروع الصغير حتى نحدد معاً إطار للموضوع .

في حقيقة الأمر ليس هناك تعريفاً واحداً للمشروع الصغير يمكن أن يسري على جميع مناطق العالم وفي جميع الظروف . لقد اتبع في تعريف المشروع الصغير منهاجين : كمي ووصفي .

حين ركز المنهاج الأول على معايير كمية، عدد العمال وحجم رأس المال المستثمر، والحصة السوقية للمشروع كمعايير فاصلة بين ما هو صغير وبين ما هو كبير ، فقد ركز المنهاج الثاني على معايير وصفية،كطريقة الإدارة، حجم الاستقلالية.

لقد ثبت عملياً أن إيجاد تعريف جامع مانع للمشروع الصغير هو أشبه بالمستحيل نظراً للفروقات الجذرية بين الدول وللتداخل الكبير في معايير القياس ، سواء الكمية منها أو الوصفية وصعوبة الفصل بينها في كثير من الأحيان .

أولاً : التعريف البريطاني :

لقد عرف قانون الشركات البريطاني الذي صدر سنة 1985 المشروع الصغير أو المتوسط هو ذلك المشروع الذي يفي بشرطين أو أكثر من الشروط التالية :

1. حجم تداول سنوي لا يزيد عن 8 مليون جنيه استرليني .

2. حجم رأس مال مستثمر لا يزيد عن 3,8 مليون جنيه استرليني .

3. عدد من العمال والموظفين لا يزيد عن 250 موظف .

التعريف الوصفي :

اتفق معظم الباحثين في هذا المجال على أن المشروع الصغير والمتوسط يجب أن يستوفي الشروط النوعية الآتية :

أ‌. محدودية الحصة التسويقية :

المشروع الصغير أو المتوسط يحتل حصة سوقية صغيرة ومحدودة لا تمكنه من التأثير على أسعار السلع والخدمات المقدمة .

ب‌. استقلالية المشروع :

يتميز المشروع الصغير أو المتوسط بأن صاحب المشروع لديه استقلالية كاملة في إدارة شئون مشروعة وليس عليه أن يعود لجهة أعلى منه إدارياً عند اتخاذ قرار ما .

ج. فردية وشمولية الإدارة :

ويقصد أن صاحب المشروع يمارس أو يشارك في جميع أو معظم المهام الإدارية المنوطة حيث لا يوجد نمط الإدارة المتبع في الشركات الكبيرة والذي يسمح بتفويض أشخاص آخرين في ممارسة مهام إدارية أخرى .

فبم اذن يمكن تعريف المشاريع الصغيرة؟؟

واحدة من الطرق لتعريف المشاريع الصغيرة يتعلق كما ذكرنا بحجم الموجودات الثابتة او عدد العاملين بالمشروع، وتختلف هذه المعايير من بلد الى اخر، ولا يوجد معيار عالمي مقبول ومتفق عليه. الطريقة الاخرى لتعريف الاعمال الصغيرة تتم عن طريق تحديد السمات والخصائص لهذه الاعمال اكثر من حجم الموجودات الثابتة او حجم المبيعات او عدد العاملين، لذلك سوف نقوم بتعريف قطاع المشاريع الصغيرة من خلال الاستناد إلى المعايير الكمية والنوعية.

اولا: التعريف بالاستناد الى معايير كمية:

1- يمكن تمييز المشروع الصغير من خلال قيمة الموجودات الثابتة وعدد العاملين: يتبنى الإحصائيون والاقتصاديون في دول العالم المختلفة معايير كمية يمكن قياسها لتعريف المشروع الصغير، على سبيل المثال، عدد العاملين، حجم المبيعات، ورأس المال المستثمر. في الدول النامية، فان المعيار الاساسي هو عدد العاملين بالمشروع. اذا اخذنا حجم الموجودات الثابتة كمعيار، فان 000ر50 - 000ر500 دولاراً يمكن اعتبارها معياراً لتعريف المشروع الصغير، ولكن فقط في المنشآت المكثفة للعمل. كذلك يمكن تحديد 10,000– 2,5 مليون دولار، في بعض القطاعات التي توظف تكنولوجيا اكثر تقدما "المطابع مثلا".

اذا اردنا استخدام معيار عدد العاملين، فان المشروع الصغير في الدول الصناعية، هو ما يضم 500 عامل او اقل. بينما في بعض الدول النامية، فان المشروع الصغير هو ما يضم 20 - 100 عاملاً او اقل. اما المشاريع الكبيرة في الدول النامية، فهي تلك التي تضم 100 عامل فاكثر. في اليابان مثلا، فان ذلك يعني 200 عاملاً، في اوروبا اكثر من 500 عامل، وفي الولايات المتحدة اكثر من10,000 عامل".

2- معايير كمية اكثر تعقيدا: واحدة من مزايا قطاع الاعمال الصغيرة، بعلاقتها بالتنمية الاقتصادية، يتعلق بالاستخدام الامثل لرأس المال القليل او النادر اصلا. فالمشاريع الصغيرة تمتلك عادة رأس مال قليل، مع مدخلات بشرية اكبر من المشاريع الكبيرة. لذا، فان هذه المشاريع تمتلك القدرة على زيادة الانتاج وزيادة نسب الاستخدام في نفس الوقت. دليل اخر على الفوائد التي قد تجنى من خلال تبني استراتيجية المشاريع الصغيرة تتعلق بتدريب مهنيين وعاملين جدد apprentices. ميزة اخرى لها علاقة بالتعريف تتعلق بسهولة نقل الابتكارات والاختراعات بسرعة الى هذا القطاع والوصول في نفس الوقت، الى السوق، فعلى سبيل المثال، فان الوقت بين تطوير منتوج ما، وانتاجه وبيعه بالسوق يحتاج الى اقل من سنتين في "83%" من الحالات في قطاع الاعمال الصغيرة. بينما كانت النسبة 74% فقط في حالة المشاريع الكبيرة (500 عامل فاكثر).

ولتعزيز الفائدة، فانه تجدر الاشارة الى اختلاف مفهومي الاعمال الصغيرة Small Business عن القطاع الاقتصادي غير الرسمي او غير المنظم، حيث لا توجد عادة احصائيات حول القطاع الاقتصادي غير الرسمي وخاصة على صعيد الانتاج او الخدمات او التجارة. يمكن اعتبار القطاع غير الرسمي في الدول النامية كاقتصاد الظل “Shadow Economy” في الدول الصناعية. حسب بعض الاحصائيات، فان حوالي 60% من الناتج القومي المحلي لدولة البيرو يعتمد على القطاع غير الرسمي. اما "اقتصاد الظل" في ايطاليا فيساهم بأكثر من 25% من الناتج الاجمالي المحلي. يجب الاخذ بعين الاعتبار، ان هناك الكثير من الدول التي لا تضمن في احصائياتها القومية، المشاريع التي يقل عدد العاملين فيها عن 10 او 20 والتي تعرف عادة بمشاريع الاقتصاد المنزلي "Cottage Industry" على الرغم من ان هذه المشاريع قد تكون مسجلة رسميا وتمارس نشاطاتها بشكل قانوني ولكنها غير منظمة.

بناءاً على ما سبق، يمكن تعريف المشروع الصغير بالمعايير التالية:

1. المبادر التجاري او عائلته او شركائه يلعبون دوراً مركزياً في جميع العمليات التجارية والانتاجية.

2. الانتاج يكون للاسواق المحلية بشكل رئيسي، ويستجيب ويلبي متطلبات مختلفة للافراد والزبائن.

3. حجم الموجودات الثابتة، او رأس المال المستثمر في حالة تأسيس مشروع جديد، يجب ان لا يقل عن 000ر50 دولاراً ولا يزيد عن 2 مليون دولار.

4. عدد العاملين، الا اذا لم يتم تعريفه بشكل مختلف في كل بلد على حدة، يتراوح ما بين 20 - 100 عامل.

يتضح من هذا التعريف، انه يستثني المشاريع الصغيرة جدا والتي توظف 10 عمال فأقل، “Micro-Businesses” او مشاريع الاقتصاد المنزلي او غير الرسمي.

ثانيا: استخدام معايير نوعية في تعريف قطاع الاعمال الصغيرة:

1- الانتاج غير الممركز والاستناد الى الاسواق المحلية:

عادة ما تكون المشاريع الصغيرة قريبة من مصادر المواد الخام وكذلك من الاسواق. وبالتالي فان تكلفة المواصلات تكون اقل بكثير من منافسيهم الآخرين أصحاب المشاريع الكبيرة. ان هذا الوضع يعطي المشاريع الصغيرة ميزة اكبر من اصحاب المشاريع الكبيرة، على الرغم من عدم تمتع هذه المشاريع بمزايا الانتاج الكبيرEconomy of Scale. اضافة الى ذلك، فان المشاريع الكبيرة تتحمل تكاليف كبيرة على صعيد ابحاث التسويق والانتاج والعمليات التسويقية على عكس المشاريع الصغيرة. من الواضح ايضا ان قطاع الاعمال الصغيرة، عادة، ما ينتج للاسواق المحلية، مستخدما المصادر والمهارات المحلية. لذا، فان عدم مركزية قطاع الاعمال الصغيرة من شأنه تعزيز نسب الاستخدام وخاصة في المناطق الريفية.

2- المشاريع الصغيرة، تلبي احتياجات مختلفة ومتباينة للمستهلكين سواءً على صعيد المنتوجات او الخدمات:

ان ميزة اخرى هامة للمشاريع الصغيرة، تتجلى في قدرتها على تلبية احتياجات مختلفة للافراد من خلال تقديم منتوجات او خدمات مصممة خصيصاً لاحتياجات الافراد المختلفة Customer-made-products. أي ان المشاريع الصغيرة تتميز بمرونة كبيرة على صعيد الانتاج، ويمكن ان تلبي احتياجات متباينة لشرائح مجمعية مختلفة. ان هذه المرونة لا تتوفر لدى المشاريع الكبيرة، حيث ان الانتاج يستند الى مفهوم الانتاج الثابت
Standard والكبير. على سبيل المثال، تجهيز أثاث منزلي مصنوع بطريقة يدوية او احذية مصنوعة بنفس الطريقة وهكذا. ان وجود هذه الميزة تخدم المجتمعات التي لا يوجد لديها اسواق كبيرة حيث ان الانتاج الكبير فيها تواضع.

3- الدور المركزي للمبادر التجاري:

ان العنصر البشري قد يعتبر وبحق، أهم ميزة في المشاريع الصغيرة، ان هذه الأهمية ناجمة عن الدور المركزي الذي يلعبه المبادر التجاري، أو المدير، من خلال صفاته الشخصية أو مستوى التعليم المهني أو نقاط قوته أو المهارات أو الوسائل التي يستخدمها سواءً بالإنتاج أو الإدارة. ان هذه الصفة هي عكس ما هو موجود بالمشاريع الكبيرة، حيث الاعتماد اكثر على التكنولوجيا الحديثة، ان المبادر التجاري في هذه الحالة منخرط بشكل كامل في العملية الانتاجية، اضافة الى مهامه الادارية والتجارية، والتي قد يتم انجازها ايضا من خلال افراد العائلة. تختلف المؤسسات الانتاجية الكبيرة عن الصغيرة على هذا الصعيد بكون المبادر التجاري عادة ما يقوم بالنشاطات الادارية فقط، ولا يشارك في عملية الانتاج.

4- ان المبادر التجاري هو مالك ومدير المشروع الصغير:

ان المبادر التجاري التقليدي الذي ورث رأسماله او وفره، لا يزال العنصر المهيمن في قطاع المشاريع الصغيرة، في هذه الحالة، فان الادارة وتحمل المخاطرة التجارية لا تزال متمركزة في يد شخص واحد، والذي يصبح مركز كافة النشاطات الانتاجية او الخدماتية. هذا يختلف بطبيعة الحال عن الشركات المساهمة او المشاريع الجماعية، حيث يكون الموظفون مسائلون امام حاملي الاسهم وليس لهم نفس القدر من حرية اتخاذ القرار.

5- الاساس العائلي للانتاج:

لا يتوقع من "المبادر التجاري" ان يكون ملماً بكافة عناصر العملية التجارية، بحيث يكون المدير العام ومدير الانتاج ومدير الافراد والمحاسب ورجل المبيعات ...الخ، حيث ستضعف هذه الشمولية من فعالية النشاطات المختلفة. ان مشاركة افراد الاسرة في النشاطات التجارية المختلفة هو أمر دارج في المشاريع الصغيرة، كونها تقدم مزايا عديدة اكثر. لقد دلت الاحصاءات ان 90% من المشاريع التجارية في العالم هي صغيرة وحوالي 80% من هذه المشاريع هي عائلية بالاساس.

6- استراتيجيات التعاون:

ان التعاون مع مؤسسات انتاجية اخرى، يقدم فرصا جديدة للمشاريع الصغيرة، التي نمت وكبرت بسرعة، بحيث اصبح من المتعذر على المبادر الفردي القيام بكافة النشاطات المهنية المتعلقة بها. من الامثلة التقليدية على نماذج التعاون، تعاونيات شراء المواد الخام، تعاونيات التخزين، تعاونيات التصدير ...الخ. ان المشاريع المشتركة Joint-ventures هي نموذج اخر على التعاون. ان التعاون ما بين المبادرين التجاريين قد يساهم في سهولة الوصول الى اسواق جديدة وتكنولوجيا حديثة. الا انه يجب القول ان المشاريع المشتركة يجب ان تتم بين رجال اعمال ديناميكيين ومبدعين وخلاقين والا لن يكتب لها النجاح.

7- التعاقد من الباطن: Sub-Contracting :

ان التعاقد من الباطن قديكون خياراً استراتيجياً لضمان بقاء واستمرار عمل المنشأة الصغيرة. فالبضائع والخدمات قد تنتج لصالح منتج اخر او زبون اخر، يقوم ببيع هذا الانتاج لصالحه، لقد نشرت الكثير من الخبرات على صعيد التعاقد من الباطن وخاصة في الاعمال الصغيرة في اليابان وتم تعميمها، واشارت هذه التقارير بشكل خاص الى اهمية قيام بعض المشاريع الصغيرة بتحضير بعض الخطوات الانتاجية للمنشآت الكبيرة التي من شأنها تعزيز الروابط القوية مع هذه المنشآت.

يتضح من خلال ما ورد من تعريفات بأن هذا المصطلح، القطاع الصغير، المشاريع الصغيرة، هي تعريفات ذات دلالات كمية ونوعية في آن واحد، والتي من خلالها نستطيع اشتقاق وتكوين تصور محدد عن المقصود بهذا القطاع. ومع ذلك، يمكن القول ان لهذا القطاع دلالات اوسع مما يمكن للتعريفات ان تحددها،’ دلالات ترتقي الى مستوى الدور والوظيفة التي يمكن لهذا القطاع ان يلعبه في المجتمع وفي العملية التنموية. ومن بين ابرز الادوار التي يمكن ان يلعبها هذا القطاع داخل المجتمع، ذلك الذي اكد عليه التقرير السادس الصادر عن "مكتب العمل الدولي" في جنيف في دورته رقم 72 لعام 1986، حيث جاء فيه ان المشاريع الصغيرة (تعتبر اول حلقة في سلسلة التقدم الاجتماعي والاقتصادي الطويلة ... وانها تعمل على حفز التغيير الاجتماعي التدريجي والسلمي ...).

ان الحاجة المتنامية من اجل التنمية الشاملة في الأراضي الفلسطينية، وعامل الازدياد المضطرد في عدد السكان، والازدياد الواضح في دخول النساء الى سوق العمل تشكل جميعا البيئة العامة التي من خلالها تتعاظم اهمية القطاع الانتاجي والخدماتي الصغير ... اذ من الصعوبة بمكان الحديث عن الحاجة الى التنمية او استيعاب الاعداد المتزايدة من البشر في سوق العمل خاصة في ظل فرض واستمرار الحصار والإغلاق والعدوان الاسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة وإزدياد نسبة البطالة وراتفاع معدلات الفقر بين الفلسطينيين، والتفاعل مع اتساع الميل لدى النساء وخريجات الجامعات والمعاهد للانخراط في العملية الانتاجية دون ربط ذلك كله بالمشاريع الصغيرة.

» تناول الجبنه القديمه بطرابلس هل هو سبب مرض سعد الصغير ؟
» سعد الصغير: ''ولاد البلد'' تم تصويره منذ فترة طويلة..والمرض علمني الكثير